في خبر نشره الزميل موسى المروي في صحيفة (الوطن) الإثنين 19-3- 2009, أن وزير الخارجية الفرنسي برنارد كوشنير الذي يزور السعودية قال: إنه في حفل الغداء الذي أقامه له السفير الفرنسي في الرياض وحضره عدد من المسؤولين, كان يجلس بين طبيبة سعودية وصحفية سعودية, وأن الطبيبة يسمح لها بإجراء عمليات والصحفية يسمح لها بالتعليم ولكن لا يسمح لهما بقيادة السيارة, ويتساءل الوزير قائلا: أليس هذا عجيبا؟
وأنا أقول للوزير الذي تناول الغداء بحضور شخصيات سعودية معظمها من النساء كياسمين التويجري ونوره الجميح ولمى السليمان ما يقوله ولاة الأمر إن المجتمع هو المسؤول عن هذه المسألة وليست الدولة، ولكن عجب الوزير واهتمامه غير العادي بقضية قيادة المرأة للسيارة ذكرني بسؤال طرحته عليّ أستاذة من جامعة ميرلاند في أمريكا كانت تجلس معي في الصف أثناء فترة الغداء لتسألني عن وضع المرأة في السعودية (أرجو ألا تحاسبني الهيئة على هذه الخلوة بأثر رجعي, فقد شرحت لها الإسلام بشكل مختلف, وأظن أنني غيّرت كثيرا من قناعاتها عنا وعن الهيئة نفسها), وكانت تعجب مثلما يعجب الوزير كوشنير من عدم قيادة المرأة للسيارة ومن غطاء وجهها, وأذكر أن تلك الأستاذة حضرت إلى المحاضرة متأخرة نصف ساعة واعتذرت قائلة: إن مشكلة الزحمة وعدم وجود مواقف سبب تأخرها, وأثناء أجابتي عن سؤالها حول أسباب عدم قيادة المرأة السعودية للسيارة قلت لها: أنا سألت زوجتي ذات يوم هل ستقودين السيارة فيما لو أتيح لك ذلك؟ فقالت لي: "لا", ثم سردت الأسباب, ومن تلك الأسباب قالت: "أنت تعمل لدي الآن كالسائق حيث توصلني إلى المدرسة ثم تعود لتأخذني، وتوصلني إلى منزل أهلي وصديقاتي وأقاربي وإلى المستشفى وصالون التجميل والأسواق والمجمعات التجارية وصالات الأفراح وتنتظرني في السيارة بالساعة والساعتين, أو تذهب ثم تعود إليّ في الموعد الذي أحدده لك, وأنا أنزل من السيارة في البقعة التي أريد وأنت من يبحث عن المواقف، وفي الغالب أركب السيارة وقد أدرت أنت مفتاح التكييف لأركب السيارة وهي باردة في الصيف ودافئة في الشتاء, وأنت من يتحكم في صيانة السيارة ويباشر أعطالها, فضلا عن الإجراءات المتعلقة بالرخصة والملكية وعقوبات مخالفات السير من سجن أو غرامة, فأنا كالأميرة وأنت خادم لدي من حيث لا تعلم, فلماذا أتنازل عن كل هذه الأمتيازات، فلربما أتعلم القيادة للضرورة القصوى, لكنني من المستحيل أن أتنازل عن هذه المزايا المتاحة لي بلا مقابل؟ ثم قلت للأستاذة: ربما أختلف مع زوجتي في بعض ما قالت, لكنني في العموم مقتنع تماما بما قالته, وهي واحدة من المجتمع النسائي السعودي الذي لا يرغب في قيادة السيارة, فلماذا يعجب الوزير من زوجتي وهي ترى أن هناك من يقبل أن يعمل لديها سائقا وهو من أقرب الناس لها ثقة وأمانا.
باختصار أريد أن أقول للوزير: إن القرار في يد المجتمع, وزوجتي قد يرى بعضهم أنها متخلفة برفضها قيادة السيارة, ولكن دعوني أقول لكم ماذا قالت لي تلك الأستاذة الجامعية حينما سمعت تبريرات زوجتي..قالت: ليتني زوجتك (؟!), وبالطبع لن أقول لكم ماذا قلت لها؛ لأن زوجتي تقرأ هذه الزاوية.